نبض أرقام
22:35
توقيت مكة المكرمة

2024/06/02

الفكرة الاقتصادية الأسوأ منذ عقود.. لماذا يجب التخلي عن سلاح الفائدة السالبة؟

2020/01/25 أرقام

كانت هناك بعض الأفكار الاقتصادية الرهيبة خلال القرن الماضي، مثل تفشي الفقر في روسيا بسبب التخطيط المركزي، وخلق التأميم لصناعات غير فعالة على الإطلاق، وتدمير حوافز الاستثمار بسبب الضرائب التأديبية، وتسبب السياسات النقدية في تضخم كبير.


 

إنها أمور يصعب مضاهاتها من حيث مدى السوء والإضرار بالاقتصادات، ومع ذلك، ربما كانت أسعار الفائدة السالبة واحدة من أكثر هذه الأفكار خطورة بشكل أو بآخر، وهي السبب وراء ترحيب الكثيرين بتخلي السويد عن هذه السياسة المهلكة.

 

في التاسع عشر من ديسمبر، أعلن البنك المركزي السويدي "ريكسبنك" نهاية تجربته التي استمرت لخمس سنوات مع أسعار الفائدة السالبة، بدافع من مخاوف حيال آثارها على الاقتصاد والشركات والمستثمرين، حيث رفع معدل الريبو الرئيسي ربع نقطة مئوية إلى الصفر.

 

وجاء قرار أقدم بنك مركزي في العالم بعد تعرضه لضغوط شديدة جراء سياساته المتبعة منذ الأزمة المالية في 2008، حيث رفع الفائدة على مدار عامي 2010 و2011، قبل تخفيضها إلى سالب نصف في المائة، لتظل عند هذا المستوى منذ عام 2016 حتى بداية 2019.

 

وحذر "ريكسبنك" في أكتوبر من أن استمرار الفائدة السالبة لفترة مطولة قد يكون له تداعيات مضرة بأداء الاقتصاد، مضيفًا عقب القرار الأخير، أن سياسته ستظل توسعية ما دام المعدل الحقيقي لسعر الريبو -المعدل وفقًا للتضخم- قرب سالب 2%.

 

تجربة غير ناجحة

 

- كما تعكس لغة "ريكسبنك"، فإن قرار التراجع عن الفائدة السالبة لم يكن سببه تعافي الاقتصاد (بل إنه تعهد بالعودة إليها مجددًا حال تدهور الأداء الاقتصادي) ولكن لأنه وجد هذه السياسة لا تساعد وإنما تزيد الأمور سوءًا وتعقيدًا.

 

- في الحقيقة، ربما فعل السويديون جميلًا كبيرًا للعالم بأسره، فقد تحتاج الاقتصادات إلى طرق جديدة للتحفيز، لكن أسعار الفائدة دون الصفر تخاطر بإلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد، وكلما تخلت البنوك المركزية عن التجربة الخاطئة سريعًا كان أفضل.


 

- صحيح أن تكلفة الرهن العقاري لا تزال مرتفعة في البلاد، لكن بشكل عام لا يزال الاقتراض رخيصًا، فالزيادة كان مقدارها محدوداً، ولا توجد خطط لرفعها أكثر من ذلك، لكن الدافع وراء هذه الخطوة هو المهم.

 

- مع معدلات الفائدة السالبة، يصبح على المواطنين دفع المال نظير إيداع مدخراتهم في البنوك، ومن الغريب أنهم سيحصلون على الأموال مقابل الاقتراض، لكن إذا لم يقنع ذلك الناس بالإنفاق وجمع أكبر قدر ممكن من الديون، فمن الصعب معرفة ما الذي يمكنه تشجيعهم على ذلك.

 

- الإنفاق الإضافي المصاحب لهذه السياسة يجب أن يحفز النمو، على الأقل من الناحية النظرية، وهو رأي أجمعت عليه البنوك المركزية في السويد وسويسرا ومنطقة اليورو واليابان، وحتى الفيدرالي وبنك إنجلترا ربما كانا سيمضيان في هذا الطريق عند مرحلة ما.

 

جدل حول الجدوى

 

- الآثار الجانبية للمعدلات السالبة تشمل تقليص هوامش البنوك إذا لم تتمكن من تمرير الأسعار الجديدة إلى المودعين، وتواجه صناديق التقاعد وشركات التأمين التي تضطر للاحتفاظ بسندات حكومية سالبة العائد، صعوبة في الوفاء بوعودها للعملاء، إلى جانب تأجج الفقاعات المالية والعقارية.


 

- يدعي البنك المركزي الأوروبي أن الفائدة السالبة بالتوازي مع شراء السندات والقروض طويلة الأجل الرخيصة للبنوك، تشجع المصارف على إقراض أو استثمار أموالها لتجنب دفع رسوم للبنك المركزي نظير الاحتفاظ بها كاحتياطيات إضافية.

 

- ربما كان للفائدة السالبة بعض الآثار الإيجابية خاصة فيما يتعلق بأداء البنوك (يقول البنك المركزي الأوروبي إن المصارف حققت أرباحًا أكثر مما كانت ستفعل لو لم يخفض الفائدة إلى السالب).

 

- مكاسب هذه السياسة تبدو محدودة مقارنة بالمخاطر طويلة الأجل والتي تشمل تضخيم الفقاعات أو إلحاق الأذى بالقطاع المصرفي وشركات التأمين وصناديق التقاعد، لذا من الأفضل أن تدوم كتجربة لفترة قصيرة، فكما قال "ريكسبنك": إنها تساعد الاقتصاد لكن من المحتمل أن تزيد آثارها السيئة إذا استمرت لفترة طويلة.

 

الدوافع الحقيقية لإنهاء التجرية

 

- تجني المصارف المال عن طريق الفرق بين ما يُدفع للمقرضين وما يفرضونه على المقترضين، لذا من الضروري وجود نظام ائتماني يعيد تدوير الأموال من خلال الاقتصاد، لكن الفائدة السالبة مزقت هذا النظام ولم تسمح بتوزيع النقد بين المدخرين والمستثمرين.

 

- هذه السياسة تخلق أيضًا حوافز ضارة، وتشجع الناس على تحويل أموالهم بعيدًا عن النقد وإلى أي نوع من الأصول البديلة وتعد عقابًا لأي شخص يحاول الادخار، كما أنها تسمح ببقاء الشركات المتعثرة وسيئة الأداء على قيد الحياة، وبالتالي لم يعد هناك أي حافز لإدارة الاستثمارات بحكمة.


 

- أخيرًا، هذه المعدلات السالبة تشوه أسعار الأصول بشدة، حيث تسببت في رفع أسعار العقارات وأي شكل آخر من الأصول غير النقدية (هددت الشركة السويدية الأكثر نجاحًا في البلاد "سبوتيفاي" بالمغادرة لأن موظفيها غير قادرين على تحمل الإيجارات)، وبالتالي فإنها تشوه الطلب لا تحفزه.

 

- مع استمرار ضعف الاقتصاد العالمي بشكل خطير، قد تحتاج البنوك المركزية إلى طرق أخرى لزيادة الطلب بمجرد خفض الفائدة إلى الصفر، وقد عمل التيسير الكمي بشكل جيد، كما أن الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب خيارات ممكنة ونجحت في الولايات المتحدة.

 

- هناك تكتيكات أخرى باقية للتجربة، مثل ضم ديون الطلبة إلى الميزانية العمومية للبنك المركزي وإلغائها بهدوء، وهو أحد الخيارات الممكنة في أمريكا، وكذلك التمويل المباشر للمبادرات الخضراء، وفي غضون ذلك، يجب أن يكون العالم ممتناً للسويد لدعوتها الواضحة لوضع حد للتجربة السيئة برمتها.

 

 

المصادر: التلغراف، وول ستريت جورنال، فايننشال تايمز

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة