نبض أرقام
02:40
توقيت مكة المكرمة

2024/05/23
2024/05/22

كيف تُعجل الولايات المتحدة بإنهاء سطوة الدولار العالمية؟

2019/07/11 أرقام

إن المكانة البارزة للدولار في النظام المالي العالمي، حتى في عصر أسعار الصرف الحرة، منحت الولايات المتحدة منذ وقت بعيد الحرية الكافية لمتابعة جدول أعمال سياساتها المحلية، في حين كان على بقية العالم الانشغال باقتناء هذه العملة لتسهيل المعاملات الدولية، بحسب "ساوث تشاينا مورنينغ بوست".

 

 

لكن هذا "الامتياز الباهظ" -مصطلح استخدم لأول مرة من قبل وزير المالية الفرنسية "فاليري جيسكار ديستان" عام 1965- لا ينبغي أن تعتبره واشنطن أمرًا مفروغًا منه، إذ تعتمد أهمية الدولار في النظام المالي العالمي على عدد من المؤسسات، بعضها يتآكل بسبب تصرفات الولايات المتحدة.

 

وهذا لا يعني أن الدولار سيواجه تحديًا قريبًا، ففي القرن الماضي، ورغم تفوق الولايات المتحدة على بريطانيا اقتصاديًا، كان الأمر لا يزال يحتاج إلى عقود كي يحل الدولار محل الجنيه الإسترليني باعتباره عملة الاحتياط الرئيسية في العالم، وهو ما حدث في النهاية.

 

عناصر دعم الدولار

 

- على المدى الطويل، بالنظر إلى الثقل الاقتصادي للصين، سيكون من المعقول افتراض أن اليوان سيصبح منافسًا رئيسيًا لهيمنة الدولار الأمريكي، ومع ذلك، فإن مثل هذا التطور سوف يتطلب أن يصبح العالم أقل حرصًا على الاحتفاظ بالورقة الخضراء، كي يخلق طلبًا على بدائلها.

 

- من المسلم به، كما كتب رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق "بن برنانكي" عام 2016، أن الدولار الأمريكي يستفيد من أمور مثل "استقرار القيمة" بفضل سيطرة البنك المركزي على التضخم منذ الثمانينات، ومن "السيولة" و"الأمان" الممنوحين للمستثمرين في سوق سندات الخزانة.

 

 

- مع ذلك، دعا الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الرئيس الحالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" أكثر من مرة إلى خفض أسعار الفائدة، ووجه له النقد لرفعه إياها خلال العام الماضي.

 

- ربما نسي "ترامب" ومستشاروه أن نجاح البيت الأبيض في الضغط على الفيدرالي أسفر عن عواقب غير مرغوبة في السابق، وتسبب تحديدًا في الركود الذي أعقب ضغط الرئيس "ريتشارد نيكسون" على رئيس البنك المركزي "آرثر بيرنز" لتعزيز الاقتصاد قبل انتخابات عام 1972.

 

نقطة خلاف جوهرية: العقوبات

 

- بالنسبة للسيولة والأمان، فبينما تظل تأكيدات "برنانكي" بشأنهما حقيقية وسارية المفعول إلى الآن، فهناك اتجاه لدى الولايات المتحدة بدأ مؤخرًا لممارسة سلطتها بشكل أكثر استباقية وفرض عقوبات ثانوية.

 

- في حين أن هذا الموقف يبدو عقلانيًا تمامًا من وجهة نظر الولايات المتحدة، فإنه سيجعل الآخرين أكثر حذرًا من التعرض المفرط للنظام المالي المرتكز على الدولار، وعلى المدى البعيد قد تجني واشنطن حصادًا مريرًا مما تزرعه الآن.

 

 

- تشكل العقوبات الثانوية نقطة خلاف رئيسية كما اعترف وزير الخزانة الأسبق "جاك لو"، والذي قال: في حين يتم فرض العقوبات الأساسية على الأفراد والشركات الأمريكية، فإن العقوبات الثانوية تهدد بمنع وصول الأفراد والشركات الأجنبية إلى النظام المالي الأمريكي.

 

- يضيف "لو": هذا الحظر يطال الأجانب إذا تعاملوا مع كيان خاضع للعقوبة، حتى إذا كان هذا النشاط لا يمس الولايات المتحدة بشكل مباشر، ونتيجة لذلك، يُنظر لهذه العقوبات (من قبل حلفائنا المقربين أيضًا) على أنها محاولات لتطبيق السياسة الأمريكية الخارجية على بقية العالم.

 

- إن خطر تجاوز العقوبات سيؤدي في النهاية إلى دفع الأنشطة التجارية بعيدًا عن النظام المالي الأمريكي بشكل أكثر حدة إذا حظيت بدائل الولايات المتحدة كمركز للنشاط المالي، وكذا بدائل الدولار كعملة احتياط عالمية، بدور أكبر في النظام المالي العالمي، وفقًا لـ"لو".

 

التفاف دولي حول النظام الأمريكي

 

- بالفعل، تحاول موسكو وبكين الابتعاد عن الدولار، وقال الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بعد لقائه بنظيره الصيني في سان بطرسبرغ في يونيو، إن البلدين يعتزمان تطوير التسويات المالية بالعملات الوطنية.

 

- قبل أيام، بدأ تشغيل نظام "إنستكس" أو ما يعرف بأداة دعم التبادل التجاري (نظام دفع تابع للاتحاد الأوروبي يهدف إلى تجنب العقوبات الأمريكية ضد الكيانات التجارية المتعاونة مع إيران).

 

 

- يمكن القول إن هذا النظام أكثر من مجرد رد فعل أوروبي على سياسات "ترامب"، كما أنه يشكل سابقة من نوعها، ويدل على عدم استعداد الاتحاد الأوروبي بعد الآن لقبول فرض الولايات المتحدة العقوبات الثانوية على الشركات الأوروبية.

 

- إن الضغوط التي تمارسها إدارة "ترامب" على الاحتياطي الفيدرالي قد تثير غضب المستثمرين، وعلى المدى البعيد، يهدد ذلك نفوذ واشنطن خارج حدودها، وتحديدًا قد يقوض الأسس التي تمنح العملة الأمريكية مكانتها العالمية.

 

- الخلاصة أن لمجرد كون الدولار الأمريكي هو عملة الاحتياط الرئيسية في العالم حاليًا، لا يعني أنه سيكون كذلك دائمًا وإلى الأبد.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة