نبض أرقام
13:30
توقيت مكة المكرمة

2024/05/20
12:03
11:58

إنفيديا .. الحصان الرابح في ميدان التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي

2023/06/06 أرقام - خاص

يرى كثيرون أن قطاع التكنولوجيا سيواصل الهيمنة لبعض الوقت على اهتمام المستثمرين في الولايات المتحدة وأوروبا وبقية أجزاء العالم.

 

ومع صعود سريع لتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي بات البعض يرى أن القطاع سيكون من بين الأفضل أداء على مدى الأشهر، بل والسنوات القادمة.

 

في خضم ذلك ربما لم يسمع الكثيرون عن اسم "إنفيديا"، لكن بفضل طفرة الذكاء الاصطناعي أصبحت الشركة واحدة من أكثر الشركات قيمة عبر التاريخ.

 

 

مؤخرا زاحمت "إنفيديا" الشركات الكبرى مثل "مايكروسوفت" و"ألفابت" و"ميتا" و"أمازون" بعد أن انضمت لنادي التريليون دولار كقيمة سوقية لفترة وجيزة عقب ارتفاع سعر سهمها. والشركة هي الأولى في صناعة الرقائق التي تصل قيمتها السوقية لهذا الرقم.

 

لذلك لم يكن غريبا أن تشهد صناديق أسهم التكنولوجيا أكبر تدفقات أسبوعية لها على الإطلاق في الأسبوع المنتهي في 31 مايو مدفوعة بزيادة اهتمام المستثمرين بالذكاء الاصطناعي وفقا لما ذكره قسم الأبحاث العالمية لدى "بنك أوف أمريكا".

 

وتلقت أسهم التكنولوجيا تدفقات بقيمة 8.5 مليار دولار في أسبوع وهي الأكبر على الإطلاق وفقا لبنك الاستثمار الأمريكي. وقال البنك إن جزءا من تلك التدفقات كان بفضل ارتفاع أسهم إنفيديا 30% في ثلاث جلسات فحسب.

 

قفزة صاروخية

 

سجلت أسهم "إنفيديا" ارتفاعا صاروخيا إلى قيمة سوقية عند تريليون دولار نهاية الشهر الماضي بعد إعلان الشركة أرباحا وفيرة في الربع الأول وتوقعات للإيرادات تجاوزت التقديرات بنسبة 50%، ما أجبر وول ستريت على إعادة تقييم المكاسب المفاجئة المحتملة التي ستجنيها صناعة الرقائق من طفرة الذكاء الاصطناعي.

 

كانت أسهم الشركة في حالة ضعف شديد حين ارتفعت بفضل توقعات لطفرة في المبيعات بفضل الذكاء الاصطناعي. منذ إطلاق برنامج "تشات جي.بي.تي" في 30 نوفمبر 2022 تضخمت قيمة "إنفيديا" من حوالي 420 مليار دولار إلى مستواها الحالي قرب 970 مليار دولار.

 

وضع تقييم "إنفيديا" الشركة في المركز الخامس بين أكبر الشركات الأمريكية قيمة بعد "آبل" و"مايكروسوفت" و"ألفابت" و"أمازون".

 

وقالت "إنفيديا" إنها تتوقع أن تصل المبيعات في الربع الثاني إلى 11 مليار دولار مقارنة مع سبعة مليارات دولار كان يتوقعها المحللون في وول ستريت.

 

وقال "سي.جيه ميوس" المحلل لدى "إيفركور إنك" إن الأرقام التي قدمتها "إنفيديا" أذهلت الجميع. وأضاف "لم يتوقع أحد ذلك على الإطلاق".

 

وبالمقارنة من حيث القيمة، فإن ثاني أكبر شركة لصناعة الرقائق في العالم وهي "تايوان لأشباه الموصلات" التي تُقدر قيمتها بنحو 535 مليار دولار.

 

وأدى الارتفاع السريع لأسهم "إنفيديا" إلى دفع تقييمها لتجاوز الشركات النظيرة وحفز المحللين على رفع السعر المستهدف لسهمها. ووضع أعلى سعر مستهدف تقييم الشركة عند 1.6 تريليون دولار لتصبح على قدم المساواة مع "ألفابت" المالكة لجوجل.

 

ورفع المحللون أيضا مضاعف الربحية الآجل للشركة وهو معيار شائع لتقييم الأسهم إلى 47.49 وهو ما يزيد على نظيرتيها "كوالكوم" و"إنتل" ويفوق حتى المتوسط الخاص بالقطاع البالغ 18.09 وفقا لبيانات "رفينيتيف".

 

وعلى الرغم من التقييم المرتفع لأسهمها، يقول محللون إن أنشطة رقائق الذكاء الاصطناعي لدى الشركة ما زال أمامها مجال للنمو إذ إن تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي ما زالت في مرحلة ناشئة في ظل توقعات باعتماد واسع النطاق عليها في السنوات القادمة.

 

تحول

 

 

تصنع "إنفيديا" منذ سنوات رقائق الكمبيوتر التي يمكنها تشغيل ألعاب الفيديو ذات الرسومات الكثيفة. لكن منذ عدة سنوات بدأ باحثو الذكاء الاصطناعي في استخدام نفس الرقائق لتشغيل الخوارزميات الجديدة القوية التي ساهمت في تحقيق اختراقات في هذا المجال.

 

ويقول محللون إن تحول "إنفيديا" المعروفة بشرائحها المستخدمة في ألعاب الفيديو منذ زمن طويل جاء عبر التركيز على سوق مراكز البيانات على مدى السنوات القليلة الماضية.

 

وتوسعت أعمال الشركة سريعا خلال فترة وباء كورونا، حين شهدت مبيعات الألعاب الإلكترونية رواجا كبيرا وزاد تبني حلول الحوسبة السحابية وتحول المهتمين بتعدين العملات المشفرة إلى رقائقها من أجل استخدامها في تعدينها.

 

واستحوذت أنشطة الرقائق المخصصة لمراكز البيانات على أكثر من 50% من إيرادات الشركة في السنة المالية المنتهية في 29 يناير كانون الثاني.

 

بعد إطلاق تطبيق "شات جي.بي.تي" بات الذكاء الاصطناعي التوليدي مصطلحا رنانا، لتستخدم التكنولوجيا مجموعة كبيرة من البيانات الموجودة مسبقا لإنشاء محتوى جديد يتراوح من قصائد الشعر وحتى أكواد البرمجة.

 

وتقول "مايكروسوفت" و"ألفابت" المالكة لشركة "جوجل" وهما اثنتان من أكبر الشركات العاملة في المجال إنهما تعتقدان أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يغير الطريقة التي تعمل بها الشركتان. وتتسابق الشركتان لإدماج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى محركات البحث والتطبيقات في سعيهما للسيطرة على القطاع.

 

ويقدر محللو بنك "جولدمان ساكس" أن الاستثمار الأمريكي في الذكاء الاصطناعي قد يقترب من 1% من الناتج الاقتصادي للبلاد بحلول عام 2030.

 

ما دور إنفيديا في طفرة الذكاء الاصطناعي؟

 

 

عملت "إنفيديا" على تطوير أنشطتها المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بشكل مطرد على مدى السنوات العديدة الماضية لكن تسارع الاهتمام والاستثمار في القطاع على مدى الستة أشهر الفائتة أدى إلى زيادة ضخمة لمبيعاتها.

 

تعتمد أجهزة الكمبيوتر الكبيرة التي تعالج البيانات وتشغل عمليات الذكاء الاصطناعي التوليدي على رقائق قوية يطلق عليها وحدات معالجة الرسوميات أو (جي.بي.يو). وتنتج "إنفيديا" حوالي 80% من تلك الوحدات وفقا للمحللين.

 

يتم تصميم وحدات معالجة الرسوميات للتعامل مع نوع معين من الرياضيات الداخلة في حوسبة الذكاء الاصطناعي بكفاءة عالية. على النقيض من ذلك، فإن وحدات المعالجة المركزية العامة من شركات كمبيوتر مثل "إنتل" مصممة للتعامل مع نطاق أوسع من المهام الحاسوبية لكن بكفاءة أقل.

 

مع طفرة الذكاء الاصطناعي، بدأت شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة على حد سواء تتدافع لشراء وحدات معالجة الرسوميات لأنها مناسبة تماما لمعالجة كميات هائلة من البيانات اللازمة لتدريب برامج الذكاء الاصطناعي المتطورة مثل "PaLM2" التابع لجوجل أو "جي.بي.تي 4" التابع لشركة "أوبن إيه.آي".

 

ويعتمد ابتكار "شات جي.بي.تي" التابع لشركة "أوبن إيه.آي" على سبيل المثال على الآلاف من وحدات معالجة الرسوميات التي تنتجها "إنفيديا".

 

وقال "جريج أوسوري" مؤسس شركة "أكاش نتوركس" إن تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى رقائق تحوي ذاكرة بأحجام كبيرة وأضاف "إنفيديا الشركة الوحيدة التي تصنع تلك الرقائق".

 

لأشهر تنافست الشركات الناشئة التي تحاول الدخول في سباق الذكاء الاصطناعي مع شركات التكنولوجيا الكبرى على وحدات معالجة الرسوميات من "إنفيديا".

 

في قمة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مارس، قال "ديفيد لوان" المؤسس الشريك في شركة "أديبت لابس" المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والمهندس السابق لدى "جوجل" و"أوبن إيه.آي" إنه فور أن تضع أي شركة ذكاء صناعي نموذج أعمالها، فإنها تحتاج إلى رأس مال مغامر لكي تبدأ في "إرسال الشيكات إلى جنسن" في إشارة إلى "جنسن هوانغ" الرئيس التنفيذي لإنفيديا.

 

وقال "أوسوري" إن مجموعة من ثماني من أكثر الرقائق تقدما يمكن أن تكلف ما يصل إلى 300 ألف دولار.

 

وتشتري الشركات الآلاف منها. وأفادت صحيفة "فايننشال تايمز" في أبريل بأن الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" إيلون ماسك قام أيضا بإبرام اتفاق لضمان إمدادات من تلك الوحدات لمشروعه الناشئ في مجال الذكاء الاصطناعي. وذكر تقرير نشره موقع "إنسايدر" أن ماسك اشترى حوالي 10 آلاف وحدة خلال تلك الصفقة.

 

جدير بالذكر أن "إنفيديا" تواجه منافسة محمومة في السوق. وأدى الاعتماد الواسع على "إنفيديا" إلى دفع شركات التكنولوجيا للعمل على تطوير رقائقها الخاصة بنفس الطريقة التي أمضت بها "أبل" سنوات في تطوير الرقائق الخاصة بها حتى تتمكن من تجنب الاعتماد والدفع لشركات أخرى لإمداد أجهزتها بتلك الشرائح. وقامت "جوجل" بتصميم "وحدات معالجة تينسور" لعدة سنوات بينما تملك "مايكروسوفت" و"أمازون" وحتى "ميتا" برامج لتصميم رقائقها الخاصة.

 

على الرغم من ذلك، فإن هذه البدائل لن تكون كافية للشركات الكبرى. وقال "ميوس": "أعتقد أن هيمنة إنفيديا ستستمر".

 

من الرئيس التنفيذي لإنفيديا؟

 

 

يقول المتابعون إن الرئيس التنفيذي "لإنفيديا" هو المحرك الرئيسي لما أحرزته الشركة من نجاحات في الآونة الأخيرة. والرئيس التنفيذي "جنسن هوانغ" هو أمريكي من أصل تايواني وبات من أشهر الأسماء في عالم التكنولوجيا في السنوات الأخيرة.

 

وعندما أجبر الوباء على إطلاق الشركة منتجا رئيسيا افتراضيا، خرج "هوانغ" في فيديو ترويجي للحدث من مطبخ منزله حيث سحب أحدث الرقائق التي صنعتها الشركة من فرن المطبخ. يظهر عادة "هوانغ" مرتديا سترات سوداء يشتهر بها قادة الدراجات النارية في الغرب.

 

و"هوانغ" البالغ من العمر 60 عاما هو ثاني رئيس تنفيذي أمريكي بعد "جيف بيزوس" مؤسس أمازون، الذي يصل بشركته إلى تقييم سوقي عند تريليون دولار لشركة قام بتأسيسها.

 

وبات "هوانغ" واحدا من رؤساء قلائل لشركات أمريكية ارتبطت أسماؤهم بها لفترة طويلة مثل "ستيف جوبز" الذي صار اسمه مرادفا لشركة "أبل".

 

يقول مراقبون إن نجاح "هوانغ" ينبع جزئيا من رغبته في حل مشكلات علوم الكمبيوتر عبر مزيج من الأجهزة والتطبيقات وهي الرؤية التي استغرقت ثلاثة عقود لتكتمل.

 

وولد "هوانغ" في تايوان وانتقل إلى الولايات المتحدة عندما كان طفلا وحصل على درجات علمية في الهندسة من جامعة ولاية "أوريغون" وجامعة "ستانفورد".

 

ويتمتع "هوانغ" بشعبية كبيرة في تايوان التي تعمل في تصنيع أشباه الموصلات ولقي ترحيبا كبيرا في أحدث زياراته إلى "تايبيه" لحضور معرض تجاري حيث ألقى خطابا رئيسيا حضره آلاف الأشخاص وأحاط به المعجبون لالتقاط صور شخصية له بعد خطابه الذي امتد ساعتين.

 

البداية

 

 

في عام 1993، وعندما كان في الثلاثين من عمره أسس "هوانغ" إنفيديا بالاشتراك مع كل من "كيرتس بريم" و"كريس مالاتشوسكي" بعد حصوله على دعم من شركة "سيكويا كابيتال" العاملة في وادي السيليكون وشركات أخرى.

 

توقع الثلاثة أنه مع تطور أجهزة الكمبيوتر، ستكون هناك حاجة إلى تحسين معالجة المرئيات المعقدة. كانت أولى النجاحات الكبيرة للشركة ابتكار رقائق مخصصة لتشغيل الرسومات المتحركة عالية الكثافة لألعاب الكمبيوتر والتي أطلق عليها وحدات معالجة الرسوميات. وحتى ذلك الحين لم يفكر "هوانغ" في "إنفيديا" على أنها مجرد شركة للرقائق.

 

وبحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فازت الشركة بعقد لصنع الرقائق الخاصة بوحدة التحكم لجهاز (إكس بوكس) للألعاب من "مايكروسوفت". منذ ذلك الحين استمرت "إنفيديا" في النمو بعد أن تضخم سوق ألعاب الفيديو وفاق حجم قطاعي الأفلام والتلفزيون والموسيقى من حيث الحجم والقيمة المطلقين.

قال "هوانغ" في خطاب ألقاه للجمهور العام في وادي السيليكون في 2021 حين حصل على جائزة لإنجاز مدى الحياة إن "رسوميات الكمبيوتر أحد أكثر أجزاء علوم الكمبيوتر تعقيدا... عليك أن تفهم كل شيء".

 

بحلول منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أدرك "هوانغ" وفريقه أنه يمكن استخدام رقائق شركته في حل مشكلات الحوسبة العامة وأطلق منصة برامج تسمى "كيودا" للسماح لمطوري البرامج من جميع المواقع ببرمجة الرقائق التي تنتجها الشركة.

 

"رهان مبكر"

 

أطلقت المنصة الجديدة موجة من الاستخدامات الجديدة للرقائق التي تنتجها "إنفيديا" بما في ذلك في قطاع العملات المشفرة.

 

لكن "هوانغ" أدرك أن معامل الجامعات تستخدم رقائقه لتشغيل برامج الذكاء الاصطناعي، وهو تخصص في علوم الكمبيوتر يحمل في طياته تطلعات بتشغيل وإدارة كل شيء من تطبيقات المساعدة الافتراضية إلى السيارات ذاتية القيادة. وهنا أطلق "هوانغ" حملة لتزويد القطاع بالرقائق.

 

ميزت "إنفيديا" نفسها أيضا من خلال الاستعانة بشركاء خارجيين لتصنيع السيليكون من بينها شركة "تايوان لأشباه الموصلات" لتخالف بذلك النموذج الذي وضعته "إنتل" التي باتت تساوي قدرا بسيطا من قيمة "إنفيديا".

 

كتب "أندرو نج" رائد الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي عن "هوانغ" في مجلة تايم حين تم اختياره كواحد من أكثر 100 شخص تأثيرا في عام 2021 إنه ساعد في تمكين "ثورة سمحت للهواتف بالإجابة عن الأسئلة بصوت هال، وللمزارع لرش الأعشاب الضارة بالمبيدات وليس المحاصيل، وللأطباء بالتنبؤ بخصائص العقاقير الجيدة، مع المزيد من العجائب في المستقبل".

 

المصادر: أرقام- واشنطن بوست- رويترز- سي.إن.بي.سي

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة